السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مهما كان الانسان جبارا ... وقلبه قاس ... فلا بد له من لحظة إنكسار ... يحس بها بالضعف
فيشكوا ما به من ألام لأقرب الناس إليه ... ولكن الذين يحس بأنه لن يزعجهم ... ويعذبهم
معه بما سيسمعون منه ..
وهذه محادثة قصيرة ... دارت بين ملك الحيوانات ... الأسد الذي يعرف عنه ... شجاعته ... وبأسه ..
يشكوا بها ما يعاني .. من عتبات الزمن .. ومن جرح الأزمان له .. لأقرب الحيوانات لقلبه .. وهي اللبوة ..
الأسد وهو يحس بالحزن الشديد :
بالله لبوتي خبريني كيف أصنع == العين من الام أحزاني ستدمع
وقبل أكل الطعام صرت أشبع == ونبض قلبي بالصدر ما عاد يسمع
ردت عليه اللبوة .. تهدأ من روعه ومما يعانيه :
يا من تخافك الحيوانات أجمع == لا تترك بك الهموم تنزل وتطلع
أنت أقوى مما صرت تعاني == واسمع كلام من قال اسمع :
( لا تترك نفسك للأحزان لحظة == وإلا ستحل بك الأمراض أجمع
فإن الحزن تتبعه المصائب == فاجعل للفرح بقلبك مرتع )
فخلف من ورائك كل بؤس == فإن البؤس يا مولاي أشنع
ولا تجعل حسادا يقولوا : == قد جاء الغبي قد جاء اقرع
وعد لعهدك أسدا جسورا == ونجمك بالسما دوما سيلمع
وبعد أن تفكر الأسد قليلا .. تنفس تنفس الصعداء .. ثم قال :
صدقتي يا أعز الخلق عندي == لماذا العلقم والمر أجرع
سأرحل عنك يا همي بعيدا == وأنا في مجال السعد أبرع
كأني قد ولدت توي صغيرا == وأرى أجراس فرحي ستقرع
ولك الشكر يا من رددتي لقلبي == صوته الذي قد صار يسمع
سعدت اللبوة لأنها استطاعت بكلامها أن ترفع من عزيمة الأسد .. وتخفف من همومه .. وعذابه .. ثم قالت :
أنتم قدوتي مولاي دوما == فكيف لنا الفرح وعيناك تدمع
وشكرك لي مولاي تاج == على رأسي أبد دوما سيرفع
************************************************** **
دراسة أدبية لقصيدة: الفرزدق في وصف الذئب :
النـص:
دعوت بِنَاري مـَوْهِناً فأتـاني
1- وَأطْلَسَ عسّالٍ وما كان صاحباً
وإِيَّاكَ في زادي لَـمُشْتَرِكـَانِ
2- فلما دَنَا قلت ادْنُ دونك إنّـني
على ضوء نـار مرة ودخـان
3- فبت أُسَوَّي الزاد بيـني وبينه
وقائمُ سَيْفِي من يدي بمـكان
4- فقلت له لمـا تَكـَشَّر ضاحكاً
نكن مِثْلَ من يا ذئبُ يصطحبان
5- تَعَشَّ فإن واثقتـني لا تخونـني
أُخَيّيْنِ كـانا أُرْضـِعَا بِلِبـَانِ
6- وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما
أتاك بسـهم أو شبَـاةِ سِنَـانِ
7- ولو غيرنا نَبَّهْتَ تَلْتَمِسُ القِـرَى
1- المناسـبة:
كان الفرزدق قد خرج من الكوفة هو وبعض أصحابه، ولما طال بهم المسير أناخوا ركابهم في منتصف الليل وناموا، وكانوا قد هيؤوا للعشاء شاة وسلخوها وعلقوها على جمل لهم، ولكن النوم غلبهم فاستجابوا له، وبينما هم في نومهم إذ هجم ذئب على تلك الشاة المسلوخة وأخذ ينهشها، فاستيقظ الفرزدق، وأناخ الإِبل وقطع رجل الشاة ورماها للذئب، فأخذها الذئب وتنحى جانباً وأكلها ثم عاد، فما كان من الفرزدق إلا أن قطع له يد الشاة فأخذها الذئب وذهب لسبيله. وفي الصباح قص الفرزدق على أصحابه ما كان بينه وبين الذئب، وكان قد صنع هذه الأبيات.
2- شرح الأبيات:
(1) أطلس: أغبر. عسال: يهتز ويضطرب في سيره. الموهن: نصف الليل.
إن ناري في الليل المظلم ترحب بالجائع، وقد اهتدى بها ذئب أغبر اللون يضطرب في مشيته وفد علي في نصف الليل.
(2) ولما اقترب ناديته أن يدنو مني، ولاطفته ليشترك معي في طعامي.
(3) فأخذت أقطع له اللحم في تلك الليلة، مهتدياً بضوء ناري، وأحياناً لا يتيح لي الفرصة لمواصلة اشتعال النار فأكتفي بدخان النار.
(4، 5) ولما رأيته قد كشف عن أسنانه استعداداً للافتراس والعراك، قلت له تعش فاللحم أمامك فإن أعطيتني موثقاً بعدم الخيانة فإنني وإياك سنصبح صديقين، أقول ذلك وقد وضعت مقبض سيفي في يدي لأنني أعرف أن ضحك الذئب غير ضحكنا.
(6) اِّللبَان: الرضاع.
إنك أيها الذئب أخ للغدر فقد رضعتما من لبان واحد فكيف تفترقان؟
(7) القرى: ما يقدم للضيف. السنان: نصل الرمح. وشباته: حد طرفه. لو طرقت غيرنا أيها الذئب تطلب الطعام أتاك سهم منطلق أو حربة سنان حادة